بيان لدعم دعوات المضطهدين/ات من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في إيران

ترجمه‫/‬ته الى العربية‫:‬ وليد ضو

بيان عن الاحتجاجات الأخيرة في إيران، وقعه 125 يساريا/ة واشتراكيا/ة وشيوعيا/ة في الشتات الإيراني.

بيان لدعم دعوات المضطهدين/ات من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في إيران، وضد قمع المتظاهرين/ات وخطف الطلاب والمناضلين/ات من أجل العدالة.

لقد مرّ أسبوع منذ أن احتل المتظاهرون/ات شوارع العديد من المدن والبلدات في جميع أنحاء إيران فارضين/ات أنفسهم/ن على المناخ السياسي بموقفهم/ن المناهض للقمع والظلم. لن يتسامح المتظاهرون/ات بعد الآن مع الفقر والبطالة والتأخر عن دفع الرواتب والفساد والتمييز والاضطهاد، وهم/ن يطالبون/ن اليوم بالعدالة والحرية رافعين شعارات مثل: “خبز- شغل- حرية”.

لم يعد الخوف عائقا أمام الانتفاضة، لأن تعمق واتساع معاناة الشعب أصبح كبيرا للغاية. وعلى الرغم من الدولة الأمنية، فإن المتظاهرين/ات لا يخشون/ين التعبير عن إحباطهم بأكثر الطرق الجذرية الممكنة. وهم/ن يعرفون/ن حصول العديد من الاعتقالات للمناضلين/ات السياسيين/ات والنقابيين/ات بالإضافة إلى الصحافيين/ات والطلاب. وهم يدركون/ن جيدا أن احتجاجات العمال تواجه بالاعتقالات والمراقبة وحتى قتلهم/ن في السجون لفترات طويلة بحرمانهم/ن من أي خدمات طبية. وتظهر الاحتجاجات المستمرة أن الدولة، باستخدامها جميع آليات القمع المتاحة لها، غير قادرة على وقف هذه الانتفاضة بوجه القمع والاستغلال. إن التاريخ المديد للنضال من أجل العدالة والحرية في إيران لهو دليل على شجاعة الشعب الإيراني في مواجهة القمع السياسي. وكان أفضل مثال على ذلك تلك الانتفاضة الثورية عام 1979 ضد نظام الشاه الاستبدادي والطبقي.

مع ذلك، تعتبر حكومة الجهورية الاسلامية هذه الاحتجاجات على امتداد البلاد “مؤامرة للأعداء” وتتهم المتظاهرين/ات بأنهم عملاء للاحتلال الإسرائيلي والسعودية والولايات المتحدة، أو بيادق بيد المعارضة السياسية التي تدعمها تلك الدول. على الرغم من ذلك، فإن الشعارات التي يرفعها المتظاهرون/ات في الشوارع تشير إلى جذور هذه الاحتجاجات وتعبر عن مدى تدهور الأحوال المعيشية للجماهير. ومع ذلك، تدعي الدولة أن المشاكل والمصاعب التي يواجهها الشعب ليست أمرا غير مألوف، وهي جزء لا يتجزأ من الدورات الاقتصادية. إنهم يرفضون الاعتراف بعدم رضا الناس عن القمع وظلم الطبقة الحاكمة.

هذه الأيام، نشهد أن جميع أجزاء النظام السياسية في الدولة تعمل جنبا إلى جنب من أجل الحفاظ على سلطة النظم، وتظهر أن هذا التفاوت الاجتماعي لهو أمر عادي وتسكت الأصوات المعارضة. كما تنكر بواسطة الأجهزة الأيديولوجية قوة الحركة السياسية الجذرية في الشوارع، متهمة المتظاهرين/ات بأنهم مخربون أو مضللون. في الوقت عينه، تشن حملة قمعية بواسطة أجهزتها الأمنية والقضائية الفاسدة في الشوارع واعتقال المتظاهرين/ات ومنتقديها. هذا النهج مألوف. من خلال تجاهل مطالب وعدم الرضا الجماهير من جهة والقمع العنيف للمتظاهرين/ات من جهة أخرى، فإن المسؤولية التاريخية تقع دوما على الحكام الذين كانوا مسؤولين عن إغراق التظاهرات بدوامة من العنف وإراقة الدماء وتدمير الثروات المشتركة والممتلكات العامة.

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزراؤه في الحكومة إن “الشعب الإيراني حر في التعبير عن انتقاداته واعتراضاته المشروعة” وإن “الذين ينشرون العنف في شوارعنا هم ليسوا إلا مخربين ومفتعلي مشاكل ولا تعنيهم المشاكل الاقتصادية والبطالة.” ولكن روحاني وحلفاءه يكذبون بكل صراحة ودون أدنى خجل حول حرية الاحتجاج في إيران وحول ضرورة الاستماع إلى مطالب الناس. فهم، أكثر من أي شخص آخر، يدركون أنه لن تصدر موافقات لإقامة اعتصامات مستقلة أو غير تابعة لأحد أو أي تجمع أو نشاط أو إضراب. في إيران، يواجَه أي مسعى لتشكيل نقابة أو منظمة سياسية مستقلة بالقمع الشديد. ولا يوجد أي حق قانوني بإقامة أي نوع من وسائل الإعلام المهنية والمنادية بالعدالة. حتى أن مظاهرات المتقاعدين/ات المسنين/ات المحتجين/ات على المؤسسات المالية الفاسدة التي سطت على مدخرات حياتهم/ن واجهتها الحكومة بالقمع الوحشي.

من الواضح أنه في ظل هذه الظروف، فإن السبيل الوحيد لتنظيم اي احتجاج مستقل عن الدولة هو من خلال تنظيمها دون إذن قانوني. فيتم اعتباره “غير قانوني” وبالتالي يصبح قمعه أمرا مشروعا. وهكذا، من خلال الكشف عن خداع حكومة روحاني والمعتدلين الإصلاحيين، يدرك المرء أنهم لا يختلفون عن المحافظين و”المبدئيين” في دعمهم لقمع المتظاهرين/ات وإسكات المحتجين/ات.

في الأيام القليلة الماضية، شهدنا موجة واسعة من عمليات الاختطاف والاعتقالات الجماعية والاحتجاز غير القانوني للمناضلين/ات واليساريين/ات والطلاب المعارضين/ات في طهران وغيرها من المدن في إيران. ولا تقدم الحكومة الإيرانية أي معلومة حول وضع هؤلاء الطلاب المعارضين/ات، وهي تبقي اعتقالهم/ن سريا في وقت يزداد فيه عدد الطلاب المعتقلين/ات. إن انتماءات الطلاب السياسية تشير إلى الحقيقة الكامنة وراء دعاية الدولة فيما يتعلق بالاحتجاجات الأخيرة. لقد ناضل هؤلاء الطلاب ضد أي تدخل من القوى الامبريالية وحلفائها الرجعيين في المنطقة. وكانوا/ن أكثر المعارضين/ات ضد العقوبات، مؤكدين/ات على أن الأثر الرئيسي للعقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على إيران سيكون على أفقر الطبقات. لقد كانوا/ن دوما داعمين/ات للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني. وبالتالي، لا يمكن اتهامهم/ن بأنهم دمى للدول الامبريالية مثل السعودية والاحتلال الإسرائيلي، وليسوا جزءا من القوى الموالية للغرب والمعارضة اليمينية للنظام الإيراني. يمكن للمرء، أن يتساءل، لماذا تسعى الدولة إلى خنق أصوات اليساريين/ات والمناضلين/ات والطلاب؟ بالضبط لأنهم/ن ينادون/ين بالعدالة الاجتماعية ويناهضون/ن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية في إيران.

وتظهر عمليات اعتقال المناضلين/ات والطلاب اليساريين/ات أن النظام يشعر بالرعب من هذه الرؤية، حيث يمكن أن يتطور من خلالها الخطاب السياسي للحركة الشعبية الحالية القائمة على أساس طبقي ومطالِب بالعدل. لقد ذكرنا سابقا أن سبب الاحتجاجات الحالية هو تدهور الأحوال المعيشية فضلا عن الحالة الاقتصادية المتردية بشكل مستمر. وهنا يجب أن نضيف أن أهم مسبب للبؤس الاقتصادي للشعب هو إرادة الحكومة المضي قدما بفرض برامج التكيف الهيكلي والتدابير التقشفية (ما يسمى بـ”الجراحة الاقتصادية” لروحاني) على المجتمع- يجب أن تفهم بأنها حصر واحتكار إضافي للأقلية التي تتمتع بالثروات العامة. وقد قام روحاني بتنفيذ كبير لهذه السياسات مقارنة مع نظرائه السابقين (رفنسجاني وخاتمي وأحمدي نجاد).

لقد دأب الطلاب والباحثون/ات والمناضلون/ات اليساريون/ات الإيرانيون/ات، مستخدمين/ات أبسط الوسائل، على انتقاد الإصلاحات الاقتصادية التي تعود بالنفع للرأسماليين على حساب أغلبية الناس. وحذروا/ن مرارا من العواقب الوخيمة لتلك السياسات على الأحوال المعيشية والحياة الاجتماعية للشعب. ونحن نشهد الآن انتشار استياء عام من تلك السياسات التي تقوم جذورها على أساس طبقي. ولكن بسبب شدة القمع السياسي والتراكم المتزامن للسلطة السياسية ورأس المال في أيدي أقلية أيديولوجية، فإن التعبير عن عدم الرضا الاقتصادي لا يمكن تحديده بمعزل عن النضال السياسي ضد النظام الحاكم. لذلك، ليس من المصادفة أنه خلال التظاهرات العفوية ضد الصعوبات الاقتصادية، أن تطلق القوى الأمنية هذه الموجة الواسعة من الاعتقالات للطلاب اليساريين/ات والمناضلين/ات النقابيين/ات وسواهم/ن من المناضلين/ات من أجل العدالة. ومنذ ذلك الحين، إذا كان هؤلاء الطلاب والمناضلين/ات الداعمين/ات للمنظمات العمالية يتدخلون/ن في مجريات الحركة الحالية، فقد يكون لديهم/ن القدرة المحتملة على مساعدة في عملية تشكيل الوعي الطبقي والمساعدة في بناء المنظمات السياسية.

من المهم أيضا أن نذكر أن العديد من الطلاب المخطوفين/ات كانوا/ن ناشطين في الاتحادات الطلابية حيث تابعوا/ن عن كثب مطالب الطلاب، وفي هذا الإطار، نظموا/ن احتجاجات ضد سياسات الدولة النيوليبرالية مثل تسليع النظام التعليمي وخصخصة الجامعات، فضلا عن برنامج الحكومة للتدريب المهني؛ من خلال تنظيم حملة تدعى “بيغارفارزي” [كلمة تجمع بين العمل الجبري (بيغاري) والتدريب المهني (كافارزي)]، فقد نجحوا/ن في نقد ومعارضة والاحتجاج الفعال لبرنامج التدريب المهني الحكومي الجديد. وقد اعتبروا/ن أن البرنامج الذي تديره الدولة يحوّل في الواقع طلاب الدراسات العليا إلى قوة عاملة رخيصة الأجرة، ويعرضهم للاستغلال من أصحاب العمل بحجة التحضير للتوظيف.

بهذه الطريقة، من خلال ربط هذا البرنامج النيوليبرالي بزيادة تسليع القوة العاملة وترخيص ثمنها، أكد الطلاب على ارتباط النضال العمالي والطلابي. ونظرا لإصرار حكومة روحاني على المضي بمشروع التدريب المهني، فإنه ليس مستغربا أنه من خلال اعتقال المعارضين/ات والطلاب النقديين/ات، أن تسعى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بالإضافة إلى ذلك، إلى القضاء على المقاومة للسياسات الاقتصادية للحكومة.

نحن، كمجموعة من اليساريين/ات والاشتراكيين/ات والشيوعيين/ات من الشتات الإيراني، ندين موجة الاعتقالات وخطف اليساريين/ات والطلاب المستقلين/ات والمناضلين/ات. تقع المسؤولية عن صحة وحياة جميع المعتقلين/ات في الاحتجاجات الأخيرة على عاتق الجمهورية الإسلامية، ولا سيما الحكومة الحالية. ومن دون شك، ينبغي أن تكون المطالبة بالحرية غير المشروطة لجميع السجناء السياسيين/ات من أهم المطالب العاجلة للحركة.

على العكس من اهتياج وسائل الإعلام الحكومية التي تطالب بوقف الاحتجاجات، نعتقد أن نضالات الشعب الإيراني ضد الظلم والاضطهاد الذي تمارسه الأقلية الحاكمة المهيمنة والاستغلالية هي لا نهائية. نحن ندعم النضال المشروع للمضطهدين/ات في إيران، ونعرب عن تضامننا مع مطالباتهم/ن في تحقيق العدالة الاجتماعية، ونحيي إقدامهم/ن وشجاعتهم/ن خلال هذه المقاومة الجماعية، وأخيرا، وبما أن الموجة الحالية من التظاهرات قد هيمنت وجذرت المجال الاجتماعي، نأمل بحصول إمكانيات جديدة لنشوء حركة تقدمية قوية.

المنتدي الاشتراكي (المنشور)

شاهد أيضاً

أيها الاحرار حول العالم

أيها المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الانسان حكومة مملكة السويد الموقرة غير خاف على الجميع بأن …