رسالة أهوازية غير مشفرة إلى الجنرال شمخاني – منصور الأهوازي

لقد شاهدنا على قناة الجزيرة مؤخرا الهبوط الأعمى والمتعامد مع رياح التغيير والتحدي في أهوازنا الصامدة، والذي نفذته بطريقة عكست مدى جهلك بالشؤون الاستراتيجية، وانعدام مهارتك الميدانية في العمليات التنفيذية، وأهم من ذلك فقد عكست عجزِك عن انتزاع نفسك من دائرة الطابور الخامس في الحرب غير المتكافئة التي صار النظام الإيراني العنصري الذي تتبجح بخدمته يفرضها على شعبك العربي الأهوازي الأعزل.

بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الوزير الأميرال علي صالح الشمخاني المحترم

تحية لا بد منها، وبعد

لقد شاهدنا على قناة الجزيرة مؤخرا الهبوط الأعمى والمتعامد مع رياح التغيير والتحدي في أهوازنا الصامدة، والذي نفذته بطريقة عكست مدى جهلك بالشؤون الاستراتيجية، وانعدام مهارتك الميدانية في العمليات التنفيذية، وأهم من ذلك فقد عكست عجزِك عن انتزاع نفسك من دائرة الطابور الخامس في الحرب غير المتكافئة التي صار النظام الإيراني العنصري الذي تتبجح بخدمته يفرضها على شعبك العربي الأهوازي الأعزل.

وهي الحرب التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى حرب إبادة تهدف إلى تفكيك المجتمع العربي الأهوازي بكل مقوماته، ولكن باساليب الحرب الباردة، ومنها تنفيذ المشاريع الاستيطانية، والخطط الهادفة إلى التجويع والتهجير الجماعي والتطهير العرقي، والتغيير الديمغرافي.

إنك سعيت من خلال عملية الأنزال الأخيرة خلف الخطوط الدفاعية لشعبنا، استهداف معنوياتهِ العالية ومقاومته البطولية من خلال مدافعك البائدة التي تلقي  بقذائف تبرير فاسدة، طالما اثبت فشلها في اختراق متاريس شعبنا الصامد، وبالتالي اخفاقُها في إجباره على التخلي عن خيار المقاومة، والاستسلام لعمليات نهب ثرواته الطبيعية، وسلب كرامته الوطنية وطمس هويته القومية.

وبالرغم من ذلك حاولت في أطار الدعاية الاستراتيجية للنظام وخلال قيامك بدورية استكشاف في الأهواز مؤخرا أن تبرر مثل هذه العمليات العدوانية بأساليب تمويهية مفضوحة، كالسعي لتغطية نوايا الملالي الخبيثة ونزعاتهم العنصرية المناهضة للعرب، وإظهار نظامهِم على أنه نظامُ ديمقراطي متسامح يحترم حقوق الانسان والشعوب في إيران ومنها الشعب العربي الأهوازي.

وانسجاما مع هذا الغرض، قلت في اجتماع لك مع عدد من أبناء جلدتك العرب في الأهواز والذين كانوا يتذمرون أمامك من أوضاعهِم المعيشية المزرية، بان في عهد الشاه البائد لم يتمكن  أحد من هؤلاء العرب  من التحدث الى  شرطي بالطريقة التي يتحدثون بها اليك اليوم، وأنت في هيئة وزير الدفاع!.

ونُقل عنك بأن  تعيينك في هذا المنصب بحد ذاتهِ يعد دليلا على إلغاء التمييز القومي الذي كان يمارس ضد العرب في عهد الشاه السابق!!

تعقيبا على ذلك نود الإشارة إلى أن التحدي الذي بات علامةَ بارزةَ في خطاب الأهوازيين على الصعيدين الشعبي والنخبوي، والذي يتجلى في الشعر والكتابة والمسرح و قد شاهدت بأم عينك جوانب منه، لم يكن نتيجة ديمقراطية نظامكم أو أحترامهِ لحقوق شعبنا العربي الأهوازي،

وإنما هو حصيلة طبيعية لجملة من التطورات والتغيّرات التي  حدثت مؤخرا على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية، وفي مقدمتها تراجع أهمية إيران الاستراتيجية وتضييق دائرة مناوراتها السياسية، بعد انتهاء الحرب الباردة، والاهتمام الدولي المتزايد بقضايا السكان الأصليين والشعوب المضطهدة، وفشل النظام الإيراني المتلبس بلباس الدين في معظم مشاريعه السياسية الطموحة، وارتفاع مستوى الوعي القومي لدى الشعوب غير الفارسية وخاصة عرب الأهواز، وكذلك التضحيات الجسيمة التي قدمتها الحركة الوطنية الأهوازية في الداخل والإنجازات غير المسبوقة التي حققها أبناء الأهواز في المهجر على الصعيدين الاعلامي والدولي، وخاصة اعتراف بعض المؤسسات الدولية البالغة الأهمية والتأثير بشعبنا العربي على أساس أن نظامكم لا يمثلهُ في الأوساط الدولية، ومشاركة وفود أهوازية في اجتماعات  لمنظمة الامم المتحدة في جنيف ونيويورك.

والواقع أن هذه المستجدات الفائقة الأهمية والخصوصية هي التي أضعفت قدرة النظام الحاكم على المناورة على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، وأجبرته على استبدال التراجع التكتيكي بالهجوم الاستراتيجي والسعي لإعادة انتشار قواته بهدف كسب الوقت وتحين الفرص.

ولا شك أن حضورك في جلسة تذمر شعبي ضمن دورياتك الاستطلاعية في الأهواز وسعيك للذبح بالقطنة بدلا من السكين،  يدخلان في دائرة التحول التكتيكي هذا، ويصبان في نفس الاستراتجية المموهة للنظام والمتمثلة في محاربة الديمقراطية، ومعادة حقوق الإنسان، والعمل على صهر القوميات غير الفارسية وخاصة العرب في بوتقة التفريس.

ولكن يبدو أنك قد فشلت كالعادة في قرأءة الرسائل المشفرة التي أُرسلت إليك من قبل أبناء شعبك الذين أردوا من خلالها القول إن كل أسلحتكم التقليدية وغيرها قد أصبحت قاصرةً عن المدى في الأهواز، لأنها مهما بلغ مستواها صارت غير قادرة على استهدافهِم لأنهم صاروا لعوامل واعتبارات عديدة خارجين عن مداها.

وبالتالي فإن أساليب الحرب النفسية التي يشنها نظامكم ضدهم بهدف الترهيب والتخويف والتشتيت قد فقدت  فاعليتها وأهميتها تماما.

معالي الوزير شمخاني!!

منذ متى كان نظامكم الشمولي الذي يستمد شرعيته السياسية والدينية من مبدأ  ولاية الفقيه المطلقة وهو بِدعةُ يُراد بها شرعنة الاستبداد والديكتاتورية، ويُعد نقيضا للديمقراطية وحرية الرأي، يحترم الإرادة الشعبية وحقوق الأنسان والشعوب غير الفارسية في إيران؟! وهو منذ البداية قد اختار سلاح القهر والتهديد  بدلا من الحوار والتفاهم، ووجه فوهات مدافع حقده وقمعه نحو أبناء هذه الشعوب وخاصة الشعب العربي الأهوازي الذي أرسل لهم رمزكم الأول الخميني حاكما عنصريا يمتلأ حقدا وكراهية للعرب، وهو زميلك السابق الإميرال مدني الذي ارتكب مجرزة المحمرة نيابة عن نظامكم الدموي.

وبذلك فقد أثبت نظامكم الجائر المنافق  بأنه قد ورث جميع مساوئ نظام الشاه العنصري ومفاسدهِ، وخاصة استراتيجيته تجاه شعبنا العربي، والتي ظلت ثابتةً في جوهرها وأهدافها. الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات وإيغار الصدور، وإقامة الحواجز النفسية بينه وبين شعبنا العربي.

ومع تمادي نظامكم في جرائمه وسياساتهِ الهادفة إلى إلغاء عروبة الأرض والأنسان في الأهواز، قد بلغت العلاقات بين الجانبين مرحلة القطيعة الكاملة، خاصة بعد أن أصبحت حقوق شعبنا مسلوبة وحرياته منتهكةً، وحرماته مستباحة، وكرامتهُ مسحوقةَ وهويته المستهدفة وأجياله مهددة وثرواته مسلوبة، ومياهه منهوبة.

وكل ذلك قد حصل على مرأى ومسمع منِك، دون أن تسعى لدفع ظلم أو تعيد حقا من حقوق شعبك  العادلة، بل ساهمت بشكل أو بآخر في تنفيذ بعض هذه السياسات والجرائم التي تُشكل وصمة عار على التاريخ.

وهل تتوقع حقا بعد كل ذلك، أن تنجح مناوراتك وتكتيكاتك الأخيرة، الساعية إلى  الحط من العزائم، وهدم الهمم وإفساد المعنويات وإضعاف روح المجابهة لدى أبناء شعبنا الصامد، وصولا إلى تكريس الأمر الوقع في الأهواز الرافضة للإنصياع والخضوع؟!

وهل  تعتقد حقا بأن ما تسوقه إلى أبناء شعبك أو العالم من حججٍ ومبررات يستند إلى المنطق والعرف والدين؟! ويبرئ ذمتك تجاه الله وتجاه شعبك وأجياله الصاعدة؟

وهل ترى حقا بأن تعيينك وزيرا للدفاع دلالة على إلغاء التمييز القومي ضد عرب الأهواز،  في الوقت الذي  لم نر منذ توليك المنصب هذا أي تغيير في استراتجية النظام الإيراني الذي يعمد إلى إخفاء شراسته وعنصريتهِ وراء غلالة من الشعارات الإسلامية والثورية الطنانة، بل شاهدنا تنفيذ المزيد من المشاريع البالغة الخطورة الهادفة إلى مصادرة الأراضي والتهجير الجماعي وسرقة المياه، دون أن نرى أي تحرك من قبلك يزعزع اعتقادنا الراسخ بأن منصبك هو مجرد منصب شكلي لا يخولك أي صلاحيات حقيقية، وأن دورك يقتصر على تبرير وتمرير سياسات نظام الولي الفقيه السلطوية وممارساته التعسفية في الأهواز.

أو بتعبير آخر أنك لا تتجاوز كونك آلة طيّعة بيد النظام الإيراني الذي يسعى لاستخدمها كصمام أمان للحيلولة دون تفجر الاحتقان الشعبي المتصاعد في الأهواز أو كحصان طروادة يُراد به اختراق الخطوط الدفاعية لشعبنا الذي بات يستميت في المقاومة مستخدما سلاح اللاعنف الذي يعد لاعتبارات عديدة أكثر قدرة وتأثيرا من كل ما تمتلكه ترسانتكم العسكرية، بما فيها المفرقات التي تُستورد من الخارج أو تُصنع في ورش وزارة الدفاع  تحت مسميات رنانة كشهاب 3 و4 و5 وما إلى ذلك!.

ومن ناحية أخرى، هل تظن حقا أن تعيين أسد الله علم وهو من أصل عربي ومن قبيلة خُزيمة رئيسا للوزراء ووزيرا للبلاط في نظام الشاه السابق قد غير شيئا من السياسات الشوفينية المناوئة لكل ما هو عربي في إيران آنذاك؟!

وهل ترى حقا بأنك في ظل نظام ولاية الفقيه المطلقة تمتلك صلاحيات أو هيبةً أكبر من شرطي في عهد ما قبل الثورة؟

فالشرطي الأهوازي في العهد البائد يا سعادة الجنرال!! كان على الأقل يستطيع أن يتحدث إلى أبناء جلدته العرب بلغتهِم خارج الدوائر الرسمية؟! في حين أنك في هيئة وزير الدفاع لا يُسمح لك بذلك، على الرغم من كون العربية لغة الإسلام الذي يتاجر بهِ نظامكم ويمرر تحت غطائه سياساته العدوانية  والعنصرية.

ومهما يكن الأمر فإننا لا نوجه اللوم إليك في هذا الخصوص حيث أنك تُعد أحد ضحايا سياسة التفريس وتداعياتِها والتي لا ناقة لك فيها ولا جمل!

ومن هذا المنطق كانت الحركة الوطنية الأهوازية تتمنع من صب جام غضبِها عليك، حرصا منها على عدم الاصطفاف مع التيارات الشوفينية الفارسية المتشددة في السلطة والمعارضة، والتي تستكثر على الشعب الأهوازي أن يكون له وزير في الدولة، وإن كان عديم الصلاحية يشغل منصبا شكليا!.

وختاما نود القول إنه في الوقت الذي صار فيه ولاة الأمر في النظام الإيراني يتدربون على عملية الهبوط الاضطراري من هرم السلطة، بعد أن انقطعت عنهم الإمدادات الغيبية، نتمنى لك أن تعيد النظر في حساباتك ومواقفك الراهنة، بما يخدم القضية الأهوازية العادلة، ويجعلك موضع ترحيب لدى أبناء شعبك العربي الذين يتطلعون إلى مستقبل واعد يخلو من الحقد والضغينة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منصور الأهوازي

تلفزيون الأهواز الفضائي

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …